صحيح ان الخلافات بين الزوجين هي ملح الحياة الزوجية، إذا كانت في حدود المسموح، وصحيح أن السيطرة على الخلاف وحسن التعامل معه من قبل الزوجين هي الطريقة المثلى لوأد الخلاف في مهده, إلا أن الأسباب الحقيقية الخفية للخلافات الظاهرة بين الزوجين تبقى دائما هي مستصغر الشرر القابل للاشتعال ومن ثم الانفجار في أي لحظة.
وإذا كان سوء اختيار شريك الحياة بداية، يساعد على تفاقم المشكلات، كأن يتم الاختيار على أساس المال أو الجمال أو الوضع الاجتماعي، ويتم تجاهل أشياء هامة كالدين وحسن الخلق والأصل والتربية، أو يتم إغفال عوامل مؤثرة مثل فارق السن ونوع الشخصية والسلوكيات والأسلوب، والمستوى الثقافي والتعليمي والمعايير الأخلاقية والطموحات، وهذه بلا شك من الأسباب التي تؤدي إلى عدم التكيف والتأقلم في الزواج، وبالتالي تقود إلى الخلافات، إلا أن طريقة التعامل مع شريك الحياة تظل هي حجر الزاوية في العلاقة الزوجية، مهما اجتمعت الأسباب السابقة، وهي ما وصفها ديننا الحنيف بالمودة والرحمة.
فعندما يتعامل الزوج مع زوجته على أنها الطرف الأضعف، فيصدر إليها الأوامر والنواهي، بأسلوب قاس ومتسلط، وذلك لإفهامها أنه هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في البيت، ويظل هذا الأسلوب هو طبيعة الحياة بينهما حتى وإن حاولت الزوجة تحقيق كل مطالب زوجها وإرضاءه بكل الوسائل، لابد أن تؤدي هذه الطريقة إلى التباعد والنفور، ومن ثم الكراهية واستحالة المعيشة، وعلى الجانب الآخر فإذا شعرت الزوجة أنها الطرف الأضعف، وشعرت بتسلط زوجها وعدم استجابته لتحقيق طلباتها ورغباتها، فهنا تبدأ في رد فعل سلبي تجاهه، فلا تلبي طلباته، أو تتباطأ في تحقيقها، أو تجادله، أو تسخر منه، ولو من وراء ظهره، ونفس الشيء قد يحدث مع الزوجة القاسية المتسلطة المسيطرة على الزوج، وإن كانت تلك حالات قليلة.
هذا الأسلوب، أسلوب السيطرة والتسلط في الحياة الزوجية له مردود سلبي على مستقبل العلاقة بين الزوجين، فهو يؤجج الكراهية ويؤدي إلى خراب البيت وهدمه.
وهناك نوع آخر من طرق التعامل الزوجية السلبية القاسية، والتي يعاقب بها طرف الطرف الآخر، للسيطرة عليه، وإجباره على الانصياع له، وتحقيق رغباته، ألا وهي التجاهل والإهمال، فالزوج الذي يهمل زوجته ويتجاهل مشاعرها واحتياجاتها، يجرحها في كرامتها، ويقتل أحاسيسها الرقيقة المرهفة، وبالتالي يحولها لكائن عنيف، تفترس الزوج إذا ما طفح بها الكيل وبلغ الصبرمداه، كما أن الزوجة التي تهمل زوجها وتتجاهل مشاعره ومتطلباته، تجرحه في رجولته وكبريائه، وتقتل المودة والرحمة بداخله، وقتها فقط سيحاول الزوج التخلص منها وبيعها بأبخس ثمن، في أول فرصة.